jeudi 30 octobre 2008

ينصر دينك يا نزار

اللعب على الرقم 16
ذهبت إلى لندن , لقضاء اسبوعين استريح فيهما من انتماءاتي القبلية والتاريخية . فوجدت القبلية تنتظرني في مطار هيثرو
ووجدت التاريخ جالساً في قاعة الاستقبال وقد لبس النعل والدشاشة البيضاء ...
ومنذ اللحظة الاولى التي هجم علي بها رجال القبيلة . وجلدوني بمئة قبلة فيها كل معاني الرجولة .... وكل مشتقات البصل والثوم ... عرفت ان رحلتي قد انقصف عمرها .... وان التاريخ الكريم مصمم على ان يتعقبني من طائرة الى طائرة , ومن فندق الى فندق , كرجل مخابرات لا ينام
ذهبت الى لندن لاحرك لساني باللغة الانكليزية , وعدت منها وقد تحسنت لغتي العربية ...
فالغزو العربي المجيد , فرض لغته , ونظامه,وطعامه, وازياءه , وعاداته , واسلوب حياته على كل شيء في العاصمة البريطانية ....
حتى حمام (ترافلغر سكوير ) أدمن قزقزة اللب ... وصار مغرما بالفول السوداني ..
والبط الانكليزي , الذي كان قانعا بما يرميه له الاطفال الانكليز من بقايا ساندويشاتهم ... اصبح مغرما ( بالمينو ) العربي , فهو لا يرضى عن (القوزي ) و(التمن ) و(المرق ) ... بديلا ...
اين لندن التي عرفتها في الخمسينات , واعطتني أحسن شعري , واجمل ايام عمري ؟
اين اللون الرمادي الجميل , والصمت المتحضر الجميل , وصالات الشاي الفيكتورية , والريف الانكليزي الخرافي الذي عقد مع اللون الاخضر معاهدة اقامة ابدية ؟....
اين (كوفنت جاردن ) و (رويال البرت هول ) و ( رويال فيستيفال هول ) ومسرح ( أولد فيك ) ؟....
البقية في حياتكم
!!
لقد أكلناها
...
فالملكة فكتوريا , والملك جورج الخامس , والملك ادوارد السابع , باعوا قصورهم , وعرباتهم الملكية إلى المتمولين العرب
....
وسافروا على طريقة (الاوتو - ستوب
وشكسبير باع محطوطات ( هاملت ) و (عطيل ) و ( ماكبث ) و ( حلم ليلة صيف ) بخمسين باوندا ... اشترى بها بنطلون جينز وحذاء .... وسافر على ظهر احد المراكب , باعتبار ان المالكين الجدد للجزيرة البريطانية لا يتعاطون الموسيقى , والمسرح , والفن الدرامي
ومن اراد ان لا يسافر .... فليسافر الى بريطانيا في الصيف ...
ومن اراد ان ينزل في فندق ( مقامات الحريري ) .... فلينزل في هيلتون لندن ..
ومن اراد ان يتقن جميع لهجات قريش ... فليتجول في اكسفورد ستريت وبيكاديللي سيركس , وليستر سكوير , وسوهو , ونايتس بريدج , وكرومويل رود ....
ومن اراد ان يبقى جالسا في مقهى ( الفيشاوي ) في سيدنا الحسين .... فان اي مقهى في لندن هو مقهى الفيشاوي في طبعته الثانية ....
حتى محل ( هارودز ) العظيم اقتحمناه من ابوابه العشرة , فاذا به , ما بين غمضة عين وانتباهتها , مثل شارع الموسكي , وسوق الحميدية , وسوق سرسق رحمة الله
العروبة على عيني ورأسي ...
هي امي واختي وحبيبتي , وكل شجرة العائلة ....
ولكن هل من الضروري ان احمل شجرة العائلة على ظهري ,واطوف بها حول الكرة الارضية ؟
هل من مستلزمات حب الوطن , ان تجلس كل افخاذ قريش وبطونها فوق فخذي وبطني ؟
ثم هل من مستلزمات جواز السفر الذي احمله , وضرورات الامن القومي , ان يجلس معي سيبويه في كل مقهى أجلس فيه , وينزل في كل فندق انزل فيه , وينام على كل فراش اتمدد عليه ... ويرقص مع كل امراة ارقص معها ؟؟..
ان سيبويه - وسامحوني اذا قلتها لكم بصراحة - غليظ جداً ... ولا عمل له طوال اليوم سوى ان يقلقل القافات ... ويضخم الضادات .... ويفخم الجيمات ... ويتجشا بعد كل وجبة طعام ....
واذا كان الحنان القومي , وتشابه فصيلةالدم , والرفق بذوي القربى , تحتم علينا ان نحتمل سيبويه داخل حدود الوطن العربي , فان السفر معه إلى الخارج هو أقرب الطرق إلى مستشفى الامراض العصبية ....
ان آخر رحلة لي مع هذا الرجل الى لندن , كانت رحلة انتحارية ... فقد كان يشخر في المترو ... وفي الباص .... وفي السينما ..... و في السوبر ماركت .... وأسوأ ما في شخيره أنه كان باللغة العربية الفصحى ...
لن أرافق سيبويه بعد اليوم إلى أي مكان في العالم , لانني لست مستعد ان اموت في باريس , أو لندن , أو روما .... مسموماً بأقراص ( الفية ابن مالك)....
للمرة الاولى في حياتي ارى نموذجا من نماذج ( الاستعمار العربي
تنتابني نوبة من القرف والغثيان ...
واسال نفسي : أبهذه الطريقة سنحكم العالم , لو قدر لنا أن نحكمه ؟
طبعاً لم أشاهد جيوشاً تتقدم ...
ولا رايات تخفق ...
ولم أشاهد دروعاً , ولا فرساناً , ولا قتلى ...
القتلى الذين رأيتهم كانوا قتلى القمار , وقتلى الجنس , وقتلة افلام البورنو , وقتلى العقارات ....وقتلى الصفقات والعمولات ....
القتلى الذين رأيتهم , كانوا مكومين فوق بعضهم على أرصفة (بارك لين ) .... تحت أقدام بائعات الهوى الانكلوساكسونيات...
للمرة الاولى اشاهد (امبريالية) بني تميم , وبني مخزوم , وبني شيبان وبني كليب , بالعين المجردة , فأترحم على بقية الامبرياليات .
الامبرياليات الاخرى , كانت على الاقل , تمارس امبرياليتها بصمت وسرية وخجل .... أما ( امبرياليتنا ) فتحكم العالم بشكل فج واستعراضي , وتفتح الدنيا بأسطول من السكرتارين الخاصين , وسماسرة الاراضي والاجساد .... وبأسطول من النساء موزع بالعدل على كل أيام السنة ...
امبريالية الغرب هي امبراطورية الرمز والباطنية ....
وامبرالية العرب هي امبراطورية البطر ..... والفضيحة ...
قد تنفق وكالة الاستخبارات المركزية مليون دولار لتمويل انقلاب في بلد عربي .
في حين يضع أمير عربي واحد مليون دولار في كازينو (كان ) على الرقم 16 في طاولة الروليت لأنه يتفاءل به ...
ألم يكن عمر آخر زوجة له هو 16 عاماً ؟.....
1977/10/28
نزار قباني ...
مجلة الحوادث اللبنانية .

16 commentaires:

Tarek a dit…

طيارة

et toujours d'actualite يابوقلب

HNANI a dit…

يعطيك الصحّة في االكنز إلّى لقيتو، فرهدني اليوم .. والله المرحوم عندو ألف حق

Sosso a dit…

yar7am nizar we yer7am elli 7att hal post !

Anonymous a dit…

3afssa, Merci ya dou3ajji ya meziane!

julian sark a dit…

yar7em man qarra we warra,
na77itli khamja 3al qalb !

الشنفرى a dit…

allah 3lik ya dou3aji, nizar etait resterai le meilleur. Je ne sais pas si tu lu son livre "9issati ma3a ichi3r2... c est excellent aussi et plein d'"histoires" de ce genre...

azwaw a dit…

في إحدى رحلاتي الباريسية ، بعد أن غادرتها نهائيا، كنت في محطة قطارات اشمال (Gare du Nord) أنا و أحد أبناء عمومتي، كُنَّا في ساعة الذروة المسائية، والمحطة نغلي كالقدر بالمسافرين الذين يلغون بكل اللغات. إلتفت إلي قريبي و سألني: كم تعداد التونسيين حاليا؟ فأجبته بكل سذاجة: حواي تسع ملايين- في ذلك الوقت- فقال لي ساخرا: إنهم يكذبون عليكم في اعتفادي لقد تجاوز التونسيون ال 20 مليون. فقلت له بكل سذاجة مرة أخرى : كيف ذلك؟
فأجابني كبكل بساطة: لا يوجد مكان إلا و وجدت فيه الالعرب عموما في كل أنحاء العالم و خصوصا منهم التونسيون و هذا لا يتوافق و التعداد الرسمي البسيط.
و كلامنا قياس

khayati a dit…

Douleurs de ce que nous sommes devenus... Est-ce le retour du bâton. Albert memmi parlait déjà après Fanon de la relation colonisateur-colonisé. Nous sommes à la deuxime phase...

عاشور الناجي a dit…

ماعاد حد يقول نزار مات

ينصر دينك يا دوعاجي عالاختيار

Big Trap Boy a dit…

1977

وكأنّه كان يتحدّث عن الأسبوع الفارط

شكرا على تذكيرنا

إنّ الذكرى تنفع المؤمنين

eddou3aji a dit…

@ tarek :
ثلاثين سنا ما تبدّل فيهم شي يمكن ماشين التالي
@ hnani :
عيّشك يا هناني

@ sosso :
و يرحم إلّي جا و رحّم ههههه

@ anonyme :
يزيّن سعدك

@ julian :
ينجّيك يا جوليان
@ chanfara :
Merci chanfara, Non je l'ai pas lu. Merci pour l'info. Avant j'avais chay2on mina annathr un livre qui regroupe ses articles dans al7awadeth sur deux annees. C'est des perles.:)
@ azwaw : مرحبا أزواو، فرحان ياسر برجوعك، و الله يا يكذبو علينا يا التّوانسة و العرب حسّهم و فضايحهم برشا ههههه

@ khayati : Je ne sais pas ce que albert memmi a ecrit la dessus. Mais je trouve que la relation colonises colonisateurs explique beaucoup de choses.

@ 3achour :

باش نقلّك ينصر دينك ماتجيش برّا ينصر لادينك هههههه و يعلّيك على من يعاديك بجاه هالنّهار هههههه جمعة و هالوين.

@ biiiig :
كتبو كتبو و شي النّافع ربّي و على هالدّزّة يضهرلي و كأنّه كان يتحدّث عن المائة سنة القادمة

ART.ticuler a dit…

أحسنت الأختيار يا دوعاجي ..توا فهمت علاش القران صالح لكل زمان و مكان ؛-))
شكرا على البوست!

eddou3aji a dit…

شنيّة؟ ماتقلّيش كتبو نزار؟؟ ههههه

Anonymous a dit…

le meme anonyme de el fouq:

ya da3jouj dammak zay echcharbaat!

ma7lak w ma bannak ya rajel!

eddou3aji a dit…

@ anonyme :
i7alli ayyamek.

Anonymous a dit…

isme3 e5er anonyme mouch ena hahahahahahahahahah